عهد الدوله البوسعيديه

 

دولة البوسعيد

[عدل]

آل سعيد هي العائلة الحاكمة في عُمان في الفترة الحالية

عهد الامام أحمد بن سعيد (مؤسس الدولة البوسعيدية)

[عدل]

وبوفاة الإمامين اعد المسرح لظهور شخصية فذة استطاعت ان تلعب دورًا فاعلاً في التاريخ العماني الحديث وهي شخصية احمد بن سعيد والذي قاد المقاومة العمانية ضد الاحتلال الفارسي واستطاع أن يوقف الحرب الأهلية، ويطرد الفرس من عمان، وتمت مبايعة بالإمامة في عام 1744 م حيث قام حبيب بن سالم أمبوسعيدي بالمناداة به إماما. وبذلك قامت دولة البوسعيد والتي تحكم عمان حتى يومنا هذا، وفي عهده توطدت اركان الدولة العمانية وتمكن من إعادة توحيد البلاد و? اخماد الفتن الداخلية، و? إنشاء قوة بحرية كبيرة إلى جانب أسطول تجاري ضخم، وهو ما اعاد النشاط والحركة التجارية إلى السواحل العمانية. كما اعاد لعمان دورها في المنطقة، وليس ادل على ذلك من انه ارسل نحو مائة مركب تقودها السفينة الضخمة (الرحماني) في عام 1775 م إلى شمال الخليج لفك الحصار الذي ضربه الفرس حول البصرة في ذلك الوقت بعد استنجاد الدولة العثمانية به، واستطاع الأسطول العماني فك الحصار عن البصرة، فكأفأهم السلطان العثماني بتخصيص مكافأة أو خراج سنوي صار يدفع إلى أيام دولة السيد سلطان ابن الامام احمد وإلى أيام ولده سعيد بن سلطان وبعد وفاة احمد بن سعيد عام 1793 م انتخب ابنه الرابع سعيدًا اماماً ثم ارغم سعيد على التنازل عن الحكم لصالح ابنه حمد في (1792 م) وفي عهده انتقلت العاصمة من الرستاق إلى مسقط لتستقر فيها حتى الآن. ولكن حكمه لم يدم حيث أنه توفي في نفس العام متأثرا بمرض الجدري وبذلك تجدد الصراع على السلطة بين سعيد ؤاخويه قيس وسلطان، وكانت النتيجة اجتماعاً بين ورثة السلطة اسفر عن عقد اتفاق يتعلق بتقسيم عمان بين: سعيد الذي بقي في الرستاق وسلطان وله السلطة في مسقط، وقيس ومركز سلطته صحار.

عهد سلطان بن أحمد

[عدل]

وفي عهد سلطان بن احمد (1792-1804 م)تم استتباب الأمن والنظام في عمان بعد أن تمكن السيد سلطان من الاستيلاء على القلاع والحصون ؤاخضعها لسيطرته، وبعد أن استتب الأمن في البلاد وجه اهتمامه إلى في مدينة مسقط للمرة الأولى. وبالنسبة للعلاقات مع فرنسا فقد كان القنصل الفرنسي في البصرة على صلة صداقة شخصية مع الإمام احمد بن سعيد. ؤاثر احتلال نابليون بونابرت الذي ظهر في فرنسا ل مصر زاد الصراع بين فرنسا وبريطانيا على كسب ود عمان. وفي عام 1798 م سيطر السيد سلطان على الموقف في المنطقة بأسرها لا سيما بعد صدور مرسوم من الحكومة الفارسية اجاز ضم ميناء«بندر عباس» و«جوادر» و«شهبار» إلى حكومة السيد سلطان بن احمد الذي اخضع جزيرتي «قشم» و«هرمز» ووضع فيها الحاميات العمانية لتأمين السفن التجارية المارة ب مضيق هرمز من وإلى الخليج العربي. ولكن القدر لم يمهل السيد سلطان بن احمد كي يواصل تحقيق طموحاته في توسيع رقعة الدولة العمانية بفتح أقاليم جديدة ولحماية حدود عمان من الغزو الأجنبي. وقام بتدعيم علاقاته مع القوى الكبرى خاصة الإنجليزية والفرنسية وذلك في اوج التنافس بينهما على السيطرة على المنطقة، ففي عام 1798 م وقعت شركة الهند الشرقية معاهدة تجارية مع السيد سلطان بن احمد الذي تولى الحكم عام 1793 يسمح بمقتضاها بإنشاء وكالة تجارية لها في بندر عباس، وبعد عامين (1800 م) أصبح للشركة المذكورة ممثلا لهاية، فقد وقع قتيلا في (30 نوفمبر 1804 م). على يد بعض القراصنة أثناء رحلة بحرية كان يقوم بها بين البصرة وعُمان. ليخلفه في الحكم ابنه الشهير السيد سعيد بن سلطان والذي شهدت فترة حكمه قيام الإمبراطورية العمانية.

ولد السيد سعيد بن سلطان – حفيد مؤسس الدولة البوسعيدية- في سمائل عام 1791 م. وقبل مقتله في عام 1804 م قام والده السيد سلطان بن احمد بتعيين محمد بن ناصر الجبري وصيا على ابنيه. سالم وكان يبلغ من العمر (15) عاما، وسعيد كان له من العمر (13) عاما، وفي هذه الأثناء قام عمهما قيس بن احمد حاكم صحار بمحاولة للاستيلاء على السلطة في عمان، فاجتمعت الأسرة البوسعيدية وشاركت بالاجتماع السيد موزة بنت الامام احمد ؤاقر هذا الاجتماع طلب المساعدة من السيد بدر بن سيف بن الامام احمد والذي كان متواجدا في الدرعية «عاصمة الدولة السعودية الأولى» بعد هربه من عمان على اثر فشل الانقلاب الذي قام به ضد السيد سلطان بن احمد عام 1803 م، وعندما وصلت الدعوة إلى بدر من الوصي محمد بن ناصر فانه سرعان ما توجه إلى مسقط ليمسك بزمام الأمور هناك، وقد استمر بدر بن سيف الحاكم الفعلي لعمان لمدة عامين حتى انتهى عهده بعد سقوطه صريعا على يد السيد الشاب سعيد بن سلطان بعد مبارزة رسمية بالسيف جرت بينهما في بلدة بركاء. وبمقتل السيد بدر بن سيف تم لسعيد بن سلطان توطيد حكمه في عمان والمناطق التابعة لها. وقد تميز السيد سعيد بشخصية قوية، و? ارادة صلبة وأفق واسع، وحنكة كبيرة، جعله بين الفريدين والأفذاذ في تاريخ شرق الجزيرة العربية وشرق أفريقيا خلال القرن 19 م ويعتبر من الشخصيات الهامة في تاريخ العرب الحديث والمعاصر.

عمان وشرقي أفريقيا (الإمبراطورية العمانية)

[عدل]
زنجبار.

ارتبطت عمان وشرقي أفريقيا منذ أقدم العصور بصلات سياسية واقتصادية وثقافية، وبعد طرد البرتغاليين من عمان اولت دولة اليعاربة اهتماما خاصا بشرقي أفريقيا، وقام الامام سلطان بن سيف الأول بتحرير مناطق شرقي أفريقيا من البرتغاليين، وبفضل ذلك تدعم الوجود العماني في هذه المنطقة وعين الامام ولاة من الشخصيات العمانية عهد إليهم إدارة جزيرة زنجبار وبمبا وممباسا. وعمل مؤسس الدولة البوسعيدية الامام احمد بن سعيد (1741-1783 م) على تعزيز التواجد العماني في شرق أفريقيا، واستمرت الحال ذلك حتى بداية عهد السيد سعيد بن سلطان (1806-1856 م) والذي قام في عام 1828 م بقيادة حملة عسكرية إلى شرقي أفريقيا فكانت بذلك أول زيارة له إلى زنجبار. وكانت نتيجة هذه الزيارة ان اعجب السيد سعيد بهذه الجزيرة وفي عام 1832 م اتخذ قراره التاريخي بجعل زنجبار عاصمة ثانية للشطر الإفريقي من إمبراطوريته، وذلك ادراكا منه للأهمية التجارية والاستراتيجية لهذه الجزيرة وللمزايا العديدة التي كانت تتمتع بها؛ فمناخها جميل، وهي ذات مركز وسيط للعمليات التجارية في مملكته، كما أنها تمتلك موانئ صالحة لرسو السفن، رغم خطورة قراره هذا، حيث أن المسافة بين العاصمتين تبلغ 2500 ميل والوصول من عُمان إلى زنجبار تحكمه حركة الرياح الموسمية. ومنذ عام 1840 م بدأ السيد سعيد يطيل إقامته في زنجبار وذلك لما عرف عنه من شغفه بالتجارة وحبه لممارستها، لذا لم يجد مكانا آخر في ممتلكاته يستطيع من خلاله تنفيذ سياستها الاقتصادية أفضل من زنجبار. علاوة على ذلك، كانت زنجبار حلقة رئيسية في سياسته الرامية إلى تدعيم ممتلكاته الجديدة في أفريقيا. وقد نجح السيد سعيد في جعل زنجبار سوقا تجارية ضخمة، وحولها من مجرد ميناء صغير إلى أعظم ميناء في شرق أفريقيا، فجذبت زنجبار اهتمام الدول الأجنبية وأصبحت المستودع الرئيسي للتجارة الإفريقية والآسيوية. وكان للسيد سعيد الفضل في إثراء اقتصاد زنجبار عن طريق إدخال زراعة القرنفل، حيث أرسل عامله عبد العلي العجمي ليأتيه ببذر القرنفل من جزيرة موريشيوس وتم غرسه أمام بيت المتوني بزنجبار، وقد أصبحت زراعة القرنفل الثروة الرئيسية لهذه المنطقة، وجعلت من زنجبار أول مصدر للقرنفل في العالم. كما عمل السيد سعيد على تبسيط نظام الضرائب ولم يكن يفرض على الواردات التي تأتي إلى الموانئ الأفريقية أكثر من 5% من ثمنها. اما الصادرات فقد أعفاها من الضرائب. وقد شجع كل ذلك على تنشيط التجارة في ممتلكاته. وقد ساهمت زنجبار مساهمة فعالة في اقتصاد الإمبراطورية العمانية في ذلك الوقت واستفاد السيد سعيد من ذلك في تدعيم إمبراطوريته المترامية الأطراف والتي امتدت من شواطئ بلاد فارس (بندر عباس) ومن بلوشستان (جوادر) حتى زنجبار لتصل إلى رأس دلغادو على سواحل شرق أفريقيا (الحدود الشمالية لموزمبيق حاليا). كما امتد النفوذ العماني في الاتجاه الشمالي الغربي حتى ممكلة أوغندا وغرباً حتى أعالي الكونغو.

كان للبحرية العمانية دور كبير في النفوذ السياسي والازدهار الاقتصادي الذي شهدته أرجاء الإمبراطورية، فقد شهد النصف الأول من القرن التاسع عشر اهتماماً كبيرًا ببناء الأسطول التجاري والحربي في عهد السيد سعيد بن سلطان، وكانت الموانئ العمانية مثل مطرح ومسقط وصور تعد من أهم أحواض بناء السفن إضافة إلى السفن التي تعاقد السيد سعيد على بنائها في الهند وخصوصاً في بومباي. ومن أشهر السفن في تاريخ الإسطول العماني (تاج بكس) و (كارولين) و (شاه علم) و (ليفربول) و (سلطانة) و (تاجة). وقد أهدى السيد سعيد البارجة (ليفربول) والتي كانت تحمل 74 مدفعا إلى وليلم الرابع ملك بريطانيا عام 1824 م الذي أطلق عليها اسم (الإمام) تكريماً لمهديها السيد سعيد بن سلطان. وتشير الوثائق التاريخية إلى أن السفينة العمانية كارولين قد زارت مرسيليا عام 1849 م زيارة مجاملة حاملة الكثير من بضائع الشرق، وفي منتصف القرن التاسع عشر كان الأسطول العماني التجاري المسلح يتكون من مائة سفينة متعددة الحمولة مزود كل منها بما بين عشرة مدافع إلى أربعة وسبعين مدفعاً إضافة إلى مئات المراكب التجارية الصغيرة. كما تشير المصادر الأجنبية إلى أن السيد سعيد بن سلطان قد بلغت عنايته بالإسطول لدرجة استقدام خبراء من بريطانيا وهولندا والبرتغال وفرنسا لتفقد السفن المصنعة له في ترسانات السفن في بومباي. وقد وصف الأسطول العماني في عهدالسيد سعيد بن سلطان بأنه كان أقوى أسطول تمتلكه دولة في النصف الأول من القرن 19 م من اليابان حتى رأس الرجاء الصالح. ويأتي في المرتبة الثانية بعد الأسطول البريطاني.

بعد وفاة السلطان سعيد بن سلطان (سلطان عُمان وزنجبار) قسمت البلاد بين أبنائه، فتولى أمر زنجبار ابنه ماجد بن سعيد وذلك عام 1856 م حيث اعترف به صاحب مسقط كسلطان على زنجبار، وتوالى حكم آل سعيد على زنجبار بعد السلطان سعيد بن سلطان كالتالي:

  1. ماجد بن سعيد من 1856 إلى 1870
  2. برغش بن سعيد من 1870 إلى 1888
  3. خليفة بن سعيد من 1888 إلى 1890
  4. علي بن سعيد من 1890 إلى 1893
  5. حمد بن ثويني بن سعيد من 1893 إلى 1896
  6. خالد بن برغش بن سعيد في 1896
  7. حمود بن محمد بن سعيد من 1896 إلى 1902
  8. علي بن حمود من 1902 إلى 1911
  9. خليفة بن حارب بن ثويني بن سعيد من 1911 إلى 1960
  10. عبد الله بن خليفة (2) من 1960 إلى 1963
  11. جمشيد بن عبد الله من 1963 إلى 1964

العلاقات مع القوى الإقليمية زمن السلطان سعيد بن سلطان

[عدل]

تميزت العلاقات العمانية المصرية عبر التاريخ الحديث بالثبات والود، وشهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا في عهد سعيد بن سلطان(1806-1856 م) ونظيره المصري محمد علي باشا (1805-1848 م) والذين تميز عهدهما بالازدهار وتوسع نفوذ بلديهما، فقد تضمنت الرسائل المتبادلة بينهما اعجاب السيد سعيد بالبناء الحديث للدولة الذي اقامه محمد علي في مصر ورغبته في اقامة علاقات اوثق مع باشا مصر. وعندما تمكنت القوات المصرية من الاستيلاء على الدرعية عام 1818 م، بادرالسيد سعيد بارسال تهنئة إلى محمد علي، كما وفد حاجا على مكة عام 1824 م. وقد احسن محمد علي ويحيى بن سرور شريف مكة استقباله، إذ ارسل محمد علي مجموعه من ضباطه لاستقباله وتحيته، وأطلقت المدافع في جدة حينما اقتربت السفينة العمانية (ليفربول) المقلة للسيد سعيد في الميناء، وعند عودته من الحج إلى مسقط حمل معه هدايا كثيرة من محمد علي ومن شريف مكة. وتذكر بعض المصادر ان السيد سعيد اظهر رغبة في السيطرة على البحرين واتجه إلى تنسيق سياسته مع سياسة محمد علي في الجزيرة العربية، ففي عام 1839 م كان هنالك مشروع هام بين الرجلين، تضم بموجبه البحرين والأحساء (المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية حاليا) تحت حكم السيد سعيد مقابل ا ن يدفع مبلغا من المال لوالي مصر، ولكن المشروع لم يتم بسبب رفض السيد سعيد للشروط وانشغال محمد علي بحرب سوريا بالإضافة إلى موقف العداء الذي اظهرته السلطات البريطانية نحو النشاط المصري في الخليج.ويبدو أن البريطانيين ازعجهم هذا التقارب العماني-المصر ي، وخشوا ان تتأثر مصالحهم في المنطقة لذلك عملوا على اضعاف العلاقات بين السيد سعيد ومحمد علي. ورغم ذلك فقد استمرت العلاقة ودية بينهما، حيث تشير الوثائق المصرية إلى أن السيد سعيد بعث برسالة إلى محمد علي في عام 1840 م يطلب فيها بالحاح سرعة إرسال أحد المدفعيين – أي أحد جنود المدفعية للخدمة عند السيد سعيد. وهذا يؤكد انه حتى عام انسحاب قوات محمد علي من الجزيرة العربية استمرت العلاقة ودية بين الرجلين.

الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون

قامت العلاقات بين عمان والولايات المتحدة منذ بداية الثلاثينات من القرن التاسع عشر الميلادي، وكان الدافع التجاري وراء رغبة الدولتين في تدعيم علاقاتهما الثنائية، فقد كانت الولايات المتحدة]] تتطلع إلى فتح أسواق لها في زنجبار، حيث تنقل البن من شواطئ الجزيرة العربية والقرنفل من زنجبار. وكانت عمان الدولة العربية الثانية التي تقيم علاقات تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد دولة العلويين بالمغرب الأقصى – المملكة المغربية حاليا – والتي كانت أول قطر عربي يعترف باستقلال أمريكا والتي اعلنت استقلالها عام 1783 م. وتوطدت العلاقات بين البلدين بعد ابرام أول اتفاقية بين السيد سعيد بن سلطان والولايات المتحدة في21 سبتمبر 1833 م. «كان ادموند روبرتس من بور تسموث نيوهامبشير صاحب الفضل في انعاش التجارة بين الولايات المتحدة ودولة السيد سعيد، والذي تباحث ووقع المعاهدة عام 1833 م. ونصت المعاهدة على تقوية العلاقات الودية بين البلدين وحرية التجارة لرعايا الدولتين، والتمتع بكافة المزايا التجارية المعطاة للدول الأخرى ذات العلاقات الطيبة مع السيد سعيد. كما نصت المعاهدة أيضا على ان يعين رئيس الولايات المتحدة قناصل يستقرون في موانئ السيد سعيد ويقومون بالفصل في الخلافات التي تنشأ بين الرعايا الأمريكيين. ولقد زادت هذه الاتفاقية من قوة العلاقات بين الولايات المتحدة وعمان. فعينت الأولى لها قنصلين احدهما في مسقط والثاني في زنجبار، ونشطت التجارة بين البلدين. كما حمل المبعوث الإمريكي من السيد سعيد بن سلطان رسالة إلى الرئيس الإمريكي اندرو جاكسون مع نص الاتفاقية. ومما جاء في رسالة السيد سعيد للرئيس جاكسون : (لقد استجبت لرغبات معالي سفيركم روبرتس وذلك بإبرام معاهدة صداقة وتجارة بين بلدينا العزيزين.. هذه المعاهدة التي سنتقيد بها بكل اخلاص انا ومن يخلفني في الحكم وتستطيع سيادتكم ان تطمئن بأن كل السفن الإمريكية التي ترسو في الموانئ التابعة لي ستلقى نفس المعاملة الكريمة التي نلقاها في موانئ بلادكم السعيدة). وقد اهتم السيد سعيد بن سلطان بتدعيم علاقات الصداقة والود مع الولايات المتحدة الأمريكية، فارسل مبعوثا خاصا هو الحاج احمد بن النعمان الكعبي على ظهر السفينة»سلطانة «كأول دبلوماسي عربي لدولة عربية لدى الولايات المتحدة الأمريكية.في عام 1840 م تحركت السفينة» سلطانة«من زنجبار فوصلت إلى جزيرة (سانت هيلانة) ومنها وصلت إلى ميناء نيويورك في 30 أبريل 1840 م، حيث استقبل الأمريكيون المبعوث العماني وملاحيه بترحاب كبير. وقد قدم الحاج احمد بن النعمان إلى الرئيس الأمريكي مجموعة الهدايا القيمة المرسلة من السيد سعيد بن سلطان والتي كان من بينهما جوادين عربيين اصيلين وسيف جميل مطعم بالذهب. وطبقا لمذكرات احمد بن النعمان فان زيارة سلطانة للولايات المتحدة لم تكن ذات نجاح اقتصادي باهر».

انقسام الإمبراطورية العمانية

[عدل]

بعد فترة حكم بلغت نحو نصف قرن من الزمان وعهد تميز بالرخاء والإنجازات في شتى الميادين رحل السيد سعيد بن سلطان أو كما تذكره المراجع الغربية " سعيد الكبير " حيث توفي على ظهر سفينته " فيكتوريا" وذلك أثناء رحلة العودة من مسقط باتجاه زنجبار، قريبا من جزر سيشلفي التاسع عشر من أكتوبر 1856 م، ويصف س.ب.مايلز وفاة السيد سعيد بقوله :" وهكذا اختتم السيد سعيد حياة حافلة رائعة، وكان له من العمر ستة وستون عاما وسبعة أشهر، وبعد حكم دام خمسين عاما. لقد كان السيد سعيد مثالا للبطل العربي. لقد كان شجاعا، اظهر في مرات عديدة بسالة نادرة. لقد كان حكيما وذكيا، كريما، جليلا، كان يحبه كل شعبه، وقد حفر له في قلب كل منهم صورة عظيمة، ولقد اظهر في تعامله مع القبائل العربية حذقا وفطنة لم يعرفهما غيره. ويستطيع ذلك السلطان العربي ان يفخر انه كان أول حاكم عربي اعطى السلم لشرقي أفريقيا، ؤانه بتشجيعه للتجارة وحمايته لها، جعل من عاصمته هناك مركزا تجاريا بين الهند، وفارس، والجزيرة العربية، وبذلك زاد من ثروة بلاده.وقد كانت وفاته نقطة تحول خطيرة في تاريخ هذه الإمبراطورية العملاقة والسبب الأساسي في ضعفها وانقسامها بعد ذلك. فبعد وفاة السيد سعيد بدأ الخلاف يدب بين أبنائه حول من يخلفه، حيث لم يشر السيد سعيد في وصيته عمن سيخلفه في الحكم وانما اكتفى أثناء حياته، بتعيين اثنين من أنجاله كنائبين عنه على شطري امبراطورتيه بشقيها الآسيوي والأفريقي، فقد عين ابنه الأكبر ثويني كنائب عنه في مسقط أثناء غيابه بينما كان ابنه ماجد نائبا للسلطان في زنجبار وقد قام الصراع بين الأخويين عقب استفراد ماجد حاكم زنجبار بثروات الجزيرة لنفسه واصدار ثويني حاكم عمان اعلان عام 1856 م والذي اكد فيه انه الحاكم الفعلي والشرعي لجميع ممتلكات عمان بما فيها إقليم زنجبار، وتفاقم الصراع بين الأخوين حتى جرد ثويني حملة عسكرية لمواجهة أخيه في زنجبار إلا أن الإدارة البريطانية في الهند اوقفت الحملة ودعت الأخوين إلى عرض المشكلة للتحكيم و? استدعى الأمر تشكيل لجنة تحقيق سنة 1861 م برئاسة اللورد كاننج، ووافق الأخوان على أن تكون توصيات اللجنة ملزمة للطرفين و? انتهت اللجنة إلى اتخاذ قرار – على سياسة فرق تسد-يقضي بتقسيم الإمبراطورية العمانية إلى جزاين منفصلين آسيوي و? أفريقي كما اقرت اللجنة بأن يدفع ماجد مبلغا لأخيه ثويني قدره 40 الف ريال نمساوي سنويا، إضافة إلى الأقساط المتأخرة التي بلغت ثمانين الف ريال نمساوي. وتم تعيين الملازم بنجلي من البحرية الهندية كمسؤول سياسي بريطاني في مسقط، وذلك لأجل تنفيذ قرار التقسيم. وقد عانت الدولة العُمانية من جراء انفصال شرق أفريقيا وهيمنة المصالح الاستعمارية على المنطقة من مصاعب اقتصادية كبيرة. لكن ظروف التنافس الاستعماري الأنجلو- فرنسي ساعد عُمان على البقاء دولة مستقلة، حيث تم التأكيد على استقلال عُمان بالبيان الفرنسي البريطاني أو ما عرف ب"التصريح الثنائي" الذي اصدرته الدولتان في مارس 1862 م والذي نص على أن ملكة بريطانيا و? امبراطور فرنسا يؤكدان على أهمية بقاء عُمان دولة مستقلة. وبذلك انتهت اعظم دولة عمانية عرفها التاريخ الحديث، وظلت عمان تعاني من الاضطرابات والانقسام وتردي الأوضاع الاقتصادية لأكثر من قرن من الزمن حتى تولى حكمها السلطان قابوس بن سعيد في 23 يوليو 1970 م. الذي نقل عمان من معيشة العصور الوسطى إلى العصر الحديث.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اليعاربه

لتنافس الإنجلو-فرنسي